لازلت اذكر يوم سحبت من حضن جدتي وسكبت "كباية الشاي أبو نعناع "على سجادتها وامتصتها السجادة مثلما امتص قلبي وجع الغربة ، يوم رفضت أن يأخذوني من حضنها فتشبثت بطرف جلبابها فراوغني أبي وشتت انتباهي وانتزعني بالراحة من حضنها ليشتري لي شيكولاتة جيرسي وجيلي كولا ومجلات سمير وميكي
هل من الحكمة أن يزج بنا أبي الى الحبس في الخليج بدعوى عمله ؟خلق منا تلك المخلوقات الكئيبة التي تخاف من الناس ...اعتدنا على التقوقع كلما شعرنا بالخطر وباختراق احدهم لنا نختبئ داخل القوقعة
كنت أحب وطني وقتها فمصر كانت الاحتفال البهجة ،أجواء التسعينيات أجواء طفولتي لا تنسى الملاهي ..المطاعم ..أغاني حميد الشاعري وسيمون ومنى عبد الغني وعلاء عبد الخالق وفارس ...الاسكندرية ..لا أنسى غنائي مع خالي على شاطئ العجمي "حلال عليك ...لا ...حلال عليك ...لا لا" ،كنا نبني قصور من الرمال على الشاطئ وتأتي الامواج تهدمه واحزن اركل البحر بساقي تسحبني المياه داخلها وتحتضنني لتنسيني يوم سحبت من حضن جدتي
لا أنكر كان الخليج يضخ علينا المال التي تمكنا من التمتع بتلك المباهج .
مرت سنوات الغربة وأصر أبي على عودتنا للوطن...لماذا يصر أبي على تحريكنا كدمى أو قطع شطرنج...بعد أن إستأنست غربتي يا أبي وأصبح لي أصدقاء هنا نتشارك وجع الغربة سويا تريد حرماني منهم!!!!
ما رأيك الآن انا وبعد سنين وسنين من العودة وبعد أن استنفذت طاقتي في محاولات التغيير هنا ....أصبحت أشعر بالحنين للغربة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق